عاند الدنيا وإبتسم إن بعد الليل فجر يرتسم لا تقل حظي قليل إنما قل هذا ما قدر ربي وما قسم ولا تنسى دائما إبتسم 


في بستان جميل أخضر مليء بالزهور مضيء بمصابيح من نجوم
 كان هناك رجل يسير قد كسى حزن قلبه ما بها من جمال
فإذا بفتى يلمحه فيقترب منه وبيده زهرة يحملها وابتسم قائلاً : 
يا سيدي يا سيدي انظر إلى جمال هذه الزهرة.
فأجاب الرجل : لو علمت ما أعلم لما رأيتها جميلة.
فرد الفتى : و كيف تراها ؟
فأجاب الرجل : لم تفهم ما بها فهي عبارة عن انعكاس لما يسقط عليها
فهذه ليست ألوانها الحقيقة بل هي عكستها كما لو أنها لم ترغب بها فظاهرها غير باطنها.
فقال له الفتى : ألا يعني ذلك أنها تجملت لنا ؟! 
فلما نعبس لها ؟ وقد بذلت ما أوتيت من قوة لكي تسعدنا.
فقال الرجل : لن تفهم فدعني وشأني.
فأمسك الفتى بيده وقال : انظر للسماء قد أخذت النجوم منها منزلاً.
فأجاب الرجل : ما بها من جمال ما هي إلا أجرام تحترق بنار إلى أن تفنى
ويالها من نهاية ليست بتلك النضرة , أما الآن فدعني لأرى ما أهمني من أثقال الحياة.
فسأل الفتى: وما هي أثقال الحياة ؟
فنظر الرجل إلى الأسفل وقال : عش يا بني قبل أن تسرق منك الحياة هذه الابتسامة فما أجمل جهلك.
فتعجب الفتى قائلاً : و لكن كيف يوصف الجهل بالجمال ألستم تقولون بأن العلم من المهد حتى الممات ؟
فهز الرجل رأسه موافقاً فقال : هذا ما تسمعه لكن بمجرد علمك ستفقد جمال الحياة.
فسأله الفتى وهو يبتسم : وما جمال الحياة ؟
فقال : أنت الآن تقرأ الحكايات و تؤمن بأنها حقيقة و تؤمن بعالم مليء بالسحر والجمال.
فقال الفتى : أليست هذه هي الحقيقة فأني أريد أن أرى عن ما قرأت من جنيات و الكثير الكثير.
فابتسم الرجل وقال : لا ليست هي , فالحقيقة لا شيء من هذا موجود أعرفت الآن كم أن العلم مؤلم فهو يحطم الخيال بمطرقة الواقع.
فرد الصبي : وكيف هذا فأنت رجل مدهش فأنت أعلم مني بما تبدي تلك الأزهار لتبدو أجمل وكم تضحي هذه النجوم لكي تضيء لنا سماءنا فزاد حبي لهم.
فأخبره الرجل : ألم أخبرك بأنك لم تفهم ما أعني فهذا جمال عمرك فحفاظ عليه ودعني وما أنا فيه.
فغادر الرجل كما لو أنه يلعن ما في هذه الحياة , و الفتى في حيرة من أمره ماذا يفعل لكي يجعله يبتسم.
فجاءت إلى خاطره فكرة , فركض نحو الرجل قائلاً : سيدي سيدي لما لا ترى الحياة مثل ما أرى وهكذا ستسعد مثلي ولما الهرب مني ؟
قال الرجل : لست بهارب ولكن أريد ألا أتعسك فما زلت صغيراً , تسعد بقصة , تمرح بلعبة , تضحك بنكته , فذهب عني لا أصيبك بما في.
فرد الفتى : كيف و أنا أتمنى أن أنمو سريعاً لكي أعلم كل ما تعلم.
فضحك الرجل وقال : وأنا كنت مثلك أتعجل النمو , أما الآن فأود أن أعود كما كنت.
فرد الفتى : يمكنك ذلك لأنك الآن قد مررتَ بما مررتُ به , أما أنا فلا أستطيع أن أصبح مثلك لأن ما زال أمامي طريق طويل.
فنظر الرجل في الأرض وهو يحدث نفسه قائلاً : كيف أستطيع أن أنهي هذا الجدال من دون أن أحطمه ؟ إلى أن أعلم سأقوم بمجراته فأخبره : وكيف ذلك هلا علمتني ؟
قال الصبي : اتبعني.
فأخذه معه إلى متجر قد تهاوى و أبتاع له قصة
فتعجب الرجل وأراد أن يدفع ثمنها
فمنعه الفتى قائلاً : هلا صبرت ألم تقل أنك تريدني أن أريك كيف ؟
فأخذه إلى البستان مرة أخرى و جلس بجواره وقال له :
سأقرأها عليك و لكن فكر بها وكأنك بمثل عمري
وبدأ بسرد له ما كتب في ذلك الكتاب.
قال الرجل يحادث نفسه : 
لقد قرأتها مراراً وتكراراً
 أعلم أنه قد طلب من أن أنظر لها من نظرته 
ولكن لا يمكنني الاستمرار بذلك فلقد كبرت ويجب علي أن أفكر بمنطقية لا بخيال.
فعندما أنهى الفتى القصة أغلق الكتاب وقال : ما رأيك ؟
قال الرجل له :ما زالت مجرد خيال.
ففال الفتى : و ما يمنعك من التمتع بها.
قال الرجل : كيف وقد كبرت لا يمكنني البقاء في عالمك
 لي عالمي و قد أرهقني بما فيه.
قال الفتى : نحن الآن في عالمي فلا تتحدث عن هذا العالم 
 أما بالنسبة للخيال فلا وجود لما نحن فيه الآن إلا بالخيال.
فسأله الرجل : وكيف ذلك ؟
فقال الفتى :كل ما هو جميل الآن
 لأن هناك من رأى خيالاً وأراد أن يجعله واقعاً
 فهو لم يتوقف عن الخيال رغم أن مر به من العمر ما مر 
و أنت تقول لا تستطيع البقاء في عالم الخيال لبعض من الوقت.
فمن يا ترى هذا الفتى ومن هذا الرجل أما بالنسبة للرجل
 فهو أنت الآن , أما بالنسبة للفتى فهو أنت في طفولتك
 فلا تقسو على نفسك وتعزل نفسك في عالم دون الآخر
 فكلاهما مترابطتان برابط أوثق مما تتصور 
ولهذا السبب لن و لم تستطيع أن تعيش في عالم دون الآخر.
عش ولا تدع ما يجول في خاطرك أن يعكر صفوك